الخميس، 20 سبتمبر 2012

من أضاء البشرية .. محمد أم أديسون ؟! ..


لو أننا ننظر من السطح ، وبنظرة مادية بحتة ، لكان القول -الذي قالته أحدهم- بأن "مخترع الغسالة الأوتوماتيك والاستشوار والمصباح الكهربائي واللقاحات ضد الأمراض ومن تلاهم قد أفادوا البشرية أكثر من كل الأنبياء" ، هو قول صحيح تماما !!

لم يثر هذا القول عندي أي شعور بالغضب أو الغيرة أو حتى القلق ، بل على العكس ، فقد غمرني بالكثير من الفضول وأثار من الأسئلة في نفسي ما جعلني أقترب إلى تفكيرها الذي أوصلها إلى هذا السبيل ، بل وجعلني أتسائل مثلها ، ما الذي يجعلنا نحتفي ونقدس أدياننا و أنبيائنا بأكثر مما نقدر به من أراحونا وأضاؤوا لنا الطريق و منعوا عنا الأمراض بما صنعوه من اختراعات ؟؟!!.

اقترب الآن في تفكيري إلي حواف الإلحاد كما قد يظن البعض ، ولكن لا بأس ، فلنستمر ، وليخبرني أحدكم إذن، من أضاء البشرية ؟! ، محمد بن عبد الله هذا النبي الأمي الذي أعلن نبوته في وسط صحراء جزيرة العرب ، أما توماس أديسون المخترع الأمريكي الذي أضاء العالم بمصباحه الكهربي ؟! ، أيهم صاحب الفضل على الآخر ، وماذا قدم محمد إلى أديسون مقابل ما لا يستطيع انكاره المسلمون من فضل أديسون وهم يقرأون ليل نهار قرآن دينهم على أضواء مصباحه الذي أفنى حياته في اختراعه لهم !!

شخصيا ، وفي مسألة الإضاءة بالتحديد ، أرى أن أديسون أعلم من محمد ، بل إن محمدا ذاته قد أقر بذلك حين قال "أنتم أعلم بشئون دنياكم" !!. نعم ، ففيما يخص شئون دنيانا لا عجب ولا غرابة إن كان أديسون و نيوتن و ألكسندر فليمنج وغيرهم أعلم من الأنبياء أنفسهم !! فبماذا تفوق الأنبياء عليهم إذن ؟! ، وفيم ارتفاع قدرهم عمن هم أعلم منهم بشئون الدنيا التي نعيشها !!

علي حافة بحر الإلحاد نقف الآن ، إن اكتفينا في حدود نقاشنا بشئون الدنيا ، فلن أجد لمحمد أو غيره من الأنبياء أثرا أكبر مما فعله هؤلاء المخترعون ، ولكننا أن قررنا أن نتعمق قليلا ، وأن نعرف ما ورء هذه الحدود ، وخلف هذه البحار ، فربما قد نجد شيئا يستحقون بها مكانتهم الأعلى !!.

فما هي حقا أهمية الأنبياء ؟!

لم يكن محمد ولا الأنبياء من قبله بمخترعين ذوي اهتمامات باختراعات مادية يستفيد بها البشر ، محمد ومن سبقه كانوا أنبياء مصلحين مشروعهم الأول هو البشر أنفسهم ، هو توجيه هذا المخلوقات إلى هدفها الذي أراده خالقها لها ، إلى سبر أغوارها ، ومواطن القوة فيها ، وإرشادها إلى أدواتها ، وإيقاظها إن تجاهلتها فباتت أقرب للحيوانية منها إلى فطرتها الإنسانية السليمة !!.

لم يكن دور الأديان ولا الأنبياء سوى دور معنوي الأصل لا يتعدي حدود أتباعهم ، دور لا يهتم بصناعة أثر مادي بقدر اهتمامه بانتاج بشر مؤثرين قادرين على صنع هذا الأثر ، الأديان لم تورّث العنصرية كما يقولون ، وإنما حاربتها (ولا حاجة لي لابراز الدليل) ، كما حاربت الارستقراطية الطبقية التي تترفع عن الناس ، وحاربت عبادة الأصنام التي تمحو عقولهم ، وتصدت لأي نزعة رأسمالية تمتص أموالهم ، و رفضت أي صورة لطغيان سياسي يستعبد فيه الناس لغير خالقهم !!

الفرق بين محمد وأديسون كالفرق بين دراسة الفيزياء والهندسة ، أحدهما تهتم بالمادة وخواصها ، والأخري تهتم بتطبيقاتها ، لا يمكن للثانية أن تنكر أهمية الأولى في تحقيق أهدافها ، ولا يسع الأولى إلا تشجيع الثانية ودفعها لإثبات وإظهار أهميتها !!، الفرق واضح كالفرق بين البصيرة والبصر ، بين ما يضئ للعين ، وما يضئ فيها !!


ربما استطاع أديسون أن يضى للبشرية ظلامها ، ربما استطاع حتى أن يضى لها الطعام بداخل ثلاجتها ، لكن نور مصباحه لم يستطع أن ينير ظلام القلوب ، لم يستطع أن يفرق لها بين طريقي الخير والشر ، لم يستطع أن يرسي العدل أويمنع الظلم ، لم يستطع حتى أن يضمن لذاته استخداما آمنا ، فهو قد يضئ لعالم يقرأ كتابا كما يضئ للص يسرق بيتا !!

عودة لسؤال حلقة اليوم .. أقصد مقالة اليوم :)
من أضاء البشرية .. محمد أم أديسون ؟! .. أظنني الآن علي مشارف إجابة قد ترضي الجميع ..

إن كان أديسون قد استطاع أن يضئ للبشرية ، فمحمد بما اختتمه من رسالات سابقيه قد أضاء البشرية ذاتها !!

تحياتي
ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق