الخميس، 15 نوفمبر 2012

هجرة ..




تحدثني نفسي بالهجرة !!

نعم ، ليست الهجرة هروبا أو خوفا ، ولا الهجرة طمعا في مزيد من الأموال ، ولا في حياة رغدة يمكن أن أشتم فيها هواء نظيفا بعيدا عن تلوث هواء بلادي ، تحدثني نفسي بأني لا بد لي من هجرة بحثا عن الأنصار !! ، لست نبيا ، ولم يأتني يوما وحي من السماء ، ولكنني لدي فكرة حق أو رسالة أبحث لها عن هواء ينميها ، أبحث لها عن نصير ليحميها ، فكرة سأشعر طوال العمر بالذنب إن بقيت جالسا بجوارها وأنا أشاهدهم يحفرون لها الأرض ليدفنوها !!.

تحدثني نفسي بالهجرة ، ووأتساءل: و لم لا ؟! ، فلم يحمل أحد مثل أفكاري إلا صار حديث تعجب قومه واستغرابهم ، فباتوا بين متفرج عليه يود تقليده وهو مستسلم لواقعه ، وبين مستهزئ يحاول وأد فكرته لإيجاد حجة ذلك الاستهزاء !!

تحدثني نفسي بالهجرة ، وهي حزينة ، أيخرجني قومي وأنا من أريد صلاحهم ، أيخرجوني وأنا عزي عزهم وذلي ذلهم ؟!، أيخرجوني من وطن يعيش بداخلي ولا أعيش فيه ؟! ، تحدثني نفسي بالهجرة و أرضى ، فما الوطن إذا لم تترك على أرضه أثرا لقدمك ، ما الوطن إذا ما باتت فيه فكرة إصلاح فكرة غريبة !! ، فكرة يسومها سوء العذاب ، ويتحايل عليها جميع المتحايلون ، تحدثني نفسي للبحث عن وطن عدل تنمو فيه أفكاري ، فتفئ بظلها وثمارها على وطني الذي سيظل دوما .. بداخلي ..

تحدثني نفسي بالهجرة فابحث عن صديق ، رفيق يشاركني رحلة لا أعلم لها نهاية ، رحلة طويلة تحتاج من يزرع على جنباتها الأمل إذا ما يأست ، وتحتاج من يشد ظهري ويرفع رأسي إذا ما ضعفت ، تحتاج رفيقا وطنه أفكاري ، يخشى عليها أكثر مما قد يخشى على نفسه أو علي !! ، نصيرا لها همه وصولها إلى خط النهاية ، إلى نهاية هذا الدرب .. حيث الكثير من الأنصار !!

تحدثني نفسي بالهجرة ، هجرة إلى انصار لا ينصرونني نسبا ، لكنهم ينصرون فكرة الحق التي بداخلي ، انصار يعطون ولا يأخذون ، أنصار يتسامون ، يبحثون عن شرف النصرة ليس إلا ، بلا أي مقابل غير أن يحملوا هذا اللقب على مر الزمان دون غيرهم ، أن يدعون أنصارا ، هؤلاء الذين لا يهاجرون من أوطانهم ، وإنما الأوطان هي التي تهاجر إليهم !!

تحدثني نفسي بالهجرة ، لأزرع بذور الحق في أرض الله الواسعة ، فليس الاستضعاف في قومي بحجة قد أسوقها إلى ربي يوم القيامة ، تحدثني نفسي بالهجرة فلربما يفتح الله علي وطني ، كما فتح على قلبي من قبل !! ، لتصبح حينها كل الأرض أرضي ، وكل السماء سمائي ، ولتصبح فكرتي التي كانت لا تملك إلا قلبي وطنا لها هي وطن لكل قلوب البشر وبني الإنسان.

أهاجر لا ليرفعني الله منزلة على قومي الذين أخرجوني من قبل ، ولا لانتقم منهم ، وإنما لأعيد إليهم شرفي الذي هو شرفهم ، وعزي الذي هو عزهم و ملكي الذي هو ملكهم ، فيسودوا به الأرض بعد أن اصبحت كل شعوب الأرض تسودهم !!.

تحدثني نفسي بالهجرة ، نعم ، وسأفعلها ، حتى وإن كانت خارج حدود جسدي لا أكثر !!

تحياتي
ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق