أصابتني
حالة من الذهول والدهشة وأنا استمع إلى
ذلك الضابط الشرطي المكلف بحماية اللجنة
الإنتخابية وهو يسأل المذيعة التلفزيونية
ماذا عليه أن يفعل إذا ما هوجم بمجموعة
من البلطجية أثناء آداءه لمهمته ؟؟!!
،
دهشتي لم تطل طويلا ، بل تحولت إلى ضحكة
انتقلت إلى شفتي ، فالثورة الآن تختبر
الجميع ، والجميع ترتعش فرائصه من هذا
الإختبار !!.
الثورة
تختبر الشعب ، الشعب الذي ظل يجلس في منزله
، راضيا بحاله ، محملا كل أخطاءه على حكامه
و نوابه الذين لم يختارهم يوما ، فتحكموا
في حقوقه ، ومنعوه منها ، في مقابل أن
يتحملوا تبعات ما يفعلون ، ولكنهم في
الحقيقة كانوا يحملونه هو هذه التبعات ،
ولكنه الآن عليه أن يختار ، وأن يتحمل
مسئولية هذا الإختيار ، وأن يتعلم هو من
أخطاءه وتبعاتها ، وليعلم أنها ليست آخر
فرصة له ليختار ، وإنما هي البداية ليس
إلا ، هو أول اختبار وأول ممارسة عليه
الدخول فيها ، واجتيازها ولو بالكثير من
الخسائر ، والتي عليه تحملها وتجنبها في
الإختبارات القادمة.
الثورة
تختبر هذا الشرطي الذي ظل طوال حياته
المهنية يتلق الأوامر دون أن يفكر في
مسئوليته عن تنفيذها ، فهو عادة ما كان
يلقي أي اتهام كان يلقى إليه بالتخاذل أو
العنف أو القسوة على قادته ، فهم من يتخذون
القرار ، وهو مجرد آداة تنفيذ ، فماذا
عليه أن يفعل ؟ ، لم يحاول هذا الشرطي يوما
أن يتخذ قرارا ويتحمل مسئوليته ، رغم أن
القانون أعطاه الحق في أن يتخد هذا القرار
، ولكنه كان يفضل أن ينفذ القرارات دون
أن يتخذها ، وذلك وببساطة لكي يبرأ نفسه
في النهاية من أي تبعات فاسدة لهذا القرار
، أما الآن وقد غاب المأمور فعليه اتخاذ
القرار الذي لم يتخذه أو يتحمل مسئوليته
يوما.
الثورة
تختبر هذه القوى السياسية المتناحرة ،
والتي اعتادت أن تفعل ما يملى عليها من
قوة فوقية ، لم تعتد أن تأخذ قرارا وتتحمل
نتائجه ، فهي لم تعرف لها مسئولية يوما
سوى القيام بدور الكومبارس المعارض ، وأن
تأخذ مكافئتها على تأدية هذا الدور ، هذه
القوي الآن لا تبحث عن مسئولية لتحملها
، وإنما تبحث عن بطل يوافق أن تشاركه هذا
الدور الملعون ، بطل يأخذ الصلاحيات كاملة
ليمنع عنهم أي ضرر ، وليضمن لهم المشاركة
حتي وإن كان بالإفساد في تلك الحياة
السياسية.
هذه
القوى عليها أن تعلم الآن أن لا مكان في
الحياة الديمقراطية لما يسمى بالصلاحيات
الكاملة ، لا وجود لتعيين من نشاء في
الميادين ، وإنما لصناديق تحفظ حقوق
الآخرين في الإختيار ، و لصلاحيات محدودة
للجميع ، يتحمل أصحابها مسئوليتها بل
ويراقبهم آخرون ، والذين يحملون صلاحيات
أخرى تضمن عدم تلاعبهم بهذه المسئولية.
الثورة
تختبر ثوارها ، هل يقبلون بالديمقراطية
التي يموتون من أجلها ، أم أنهم يريدونها
ديكتاتورية يحكمونها هم وليس الشعب الذي
قاموا من أجله ، هل سيقبلون بنتيجة
الإنتخابات ، أم سيصنعون برلمانا ثوريا
لأنفسهم ، لم يختاره الشعب ، وإنما اختاروه
هم بمفردهم.
الثورة
تختبر المجلس الأعلى ذاته ، هل هو صادق
في إدعائه حقا في تسليم السلطة لمن يريده
الشعب ، أم تسليمها لمن يريده هو ؟!.
الثورة
تختبر الجميع ، وما أصعب الإختبار ، ربما
سينجح البعض ، ربما سيفشل البعض الآخر ،
ولكنه وبالتأكيد ، أول اختبار سيفرز لنا
أخطآئنا التي سنصححها في المستقبل إن شاء
الله.
فليرحم
الله شهدائنا .
وليعيننا
جميعا على النجاح في ذلك من أجلهم ، ولنرفع العلم المصري غدا ولا نتنازعه بيننا .
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق