مع
من وضد من ؟!
،
يمكنك وبسهولة أن تكتشف سطحية هذا السؤال
بمجرد أن تخرج من منزلك لترى هذه المليونية
التي تملؤ الشوارع !!
،
سألت أمي وأنا أرافقها إلى لجنتها
الإنتخابية :
هل
انتقل التحربر إلى هنا ؟!
،
أجبتها :
نعم
لقد انتقل إلى مصر كلها يا أمي ..
لقد
انتقل ، أوقفت أمي في طابورها و جعلت أركض
قاصدا لجنتي الإنتخابية ، القاهرة في
الساعة الثامنة والربع في شبه شلل مروري
، اللجان يقف أمامها الملايين من البشر
، قلبي
كان يدق
فرحا ،
كنت
خائفا ، نعم كنت خائفا
من خوف المصريين ويأسهم أو انقسامهم ،
كنت خائفا من انفلات أمني كنا نشتم رائحته
على مدار شهور وأسابيع سبقت ، كنت خائفا
على بلادي ، ولكنني ما أن وقفت في وسط
أبناء بلادي تبدد خوفنا جميعا ، بل أظن
الخوف نفسه هو الذي بدأ ينتابه هذا الشعور
!!.
المصريون انتفضوا واستجابوا لدعوتنا المليونية ، المليونية الحقة التي دعوت ودعا غيري لها من قبل ، مليونية ٢٨ من نوفمبر ، مليونية بلا شعارات ، مليونية لا تُحمل فيها اللافتات ، ولا يعتلى فيها المثقفون والمتحدثون المنصات ، ولا يختلف فيها وعن جدواها المصريون ، مليونية لم يحمل فيها أي شخص إلا بطاقته الشخصية في يده ، و وإرادته في رأسه ، وقفنا في طابور اخترق أكثر من ثلاثة شوارع نتحاور ، تأخرت أوراق الإقتراع فلم ينفد صبر أحد من الواقفين - رغم كبر سن معظمهم - ، ازدحمت الطوابير وصرنا في مشهد يشبه الحج يكاد يدوس بعضنا بعضا ، فلم ييأس أحد بل و قمنا كشباب بحمل بعضنا لتنظيم الطوابير ومساعدة قوات الجيش لتسهيل دخول وخروج الناس ، قال لي أحدهم : حتى لو عاوزين يزهقونا ، مش حنزهق تاني !! .
أعلن
أحد كبار السن في أثناء انتظارنا أنه لا
يخشى الإسلاميين ولا يمانع في استلامهم
السلطة والحكم ، قال
لنا :
لم
لا نجربهم ، دعك من هؤلاء الذين يحفظون
الدين ولا يفهمونه و يخيفوننا منهم ، يطلب
منهم نبيهم أن يغيروا المنكر بأيديهم
فيغيروه بأيديهم ولكن بمنكر آخر ، هذا
ليس صحيح الدين ، وليس صحيح أي دين آخر ،
ولن يستطعوا أن يفرضوا علينا أي قانون
ينظم لنا عبادتنا لربنا ، وإن فعلوا
فببساطة لن ننفذه .
بعد
قليل بدأوا في النداء على اللجان التي
وصل الورق الإنتخابي لها ، ارتبك ذات
الرجل كبير السن بعد اكتشافه أنه لا يعرف
رقم لجنته ، تسابقت وغيري لاستخدام هاتفنا
المحمول لنستطلع له هذه البيانات ، نتفاجأ
جميعا ونحن نأخد منه رقم بطاقته ، عندما
نعرف أن اسمه "عاطف
رائف دانيال "
،
مسيحي الديانة ، نبتسم
جمبعا ، ويبتسم هو الآخر ، و نقولها في
نفس واحد :
هؤلاء
هم المصريين .
نعم
هؤلاء هم المصريون الحقيقيون ، الذين إن
فتشت في قلوبهم لن تجدي حبا ولا شرعية ولا
ولاء لأحد ، لا للمجلس العسكري ولا لثوار
التحرير ولا لأحزاب ولا قوى سياسية ، لن
تجد في قلوبهم سوي بلادهم ، مصر ، مصر التي
قبلوها وعاشوا على ترابها وهي مريضة منهكة
القوى ، و ليس لديهم أي مانع أن يحتملوها
أجيال وأجيال على ذات الحال ، ولكنهم أتوا
اليوم فقط ليمنحو لها الحرية والصحة التي
تستحق والتي هي في أشد الحاجة إليها .
الفرحة
والفرحة فقط هي ما تملأ قلوب وعقول المصريين
اليوم ، الفرحة والفرحة فقط هي البرهان
على انتمائك لهؤلاء المصريين المحبين
لوطنهم بلا أي مصلحة ، الفرحة والفرحة
فقط ، ولا يجاورها أي شعور آخر ، لا انحياز
لمجلس عسكري ، ولا تأييد لثوار في التحرير
، أما إن لم تكن كذلك ، فأنت كمشجع الكرة
الذي يفضل مصلحة وحب ناديه على مصلحة وحب
منتخب بلاده ، متناسيا أن كل ما يحدث بين
هذه الأندية من منافسات ليس له ألا هدف
واحد ، تكوين منتخب وطني قوي تعلو به راية
بلادنا عاليا.
نعم
لأجل هذه اللحظة تنافسنا جميعا ، و اختلفنا
جميعا ، وتصارعنا جميعا ، أما وإنها قد
بدأت في الحدوث ، فلنفرح بها ، ولنساندها
جميعا لتكتمل بإذن الله ، ولنساند منتخبنا
، فالمنتخب هو الأهم ، ولنعلم أن اختلافنا
هو نواة قوة هذا المنتخب ، أما خلافنا فهو
بذرة ضعفه وإنهياره.
رحم الله شهدائنا ، من أجل هذه اللحظة سالت دمائهم ، ولأجلها لن نخذلهم أبدا.
رحم الله شهدائنا ، من أجل هذه اللحظة سالت دمائهم ، ولأجلها لن نخذلهم أبدا.
ش.ز
0 التعليقات:
إرسال تعليق