الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

المنتخب هو الأهم !!


مع من وضد من ؟! ، يمكنك وبسهولة أن تكتشف سطحية هذا السؤال بمجرد أن تخرج من منزلك لترى هذه المليونية التي تملؤ الشوارع !! ، سألت أمي وأنا أرافقها إلى لجنتها الإنتخابية : هل انتقل التحربر إلى هنا ؟! ، أجبتها : نعم لقد انتقل إلى مصر كلها يا أمي .. لقد انتقل ، أوقفت أمي في طابورها و جعلت أركض قاصدا لجنتي الإنتخابية ، القاهرة في الساعة الثامنة والربع في شبه شلل مروري ، اللجان يقف أمامها الملايين من البشر ، قلبي كان يدق فرحا ، كنت خائفا ، نعم كنت خائفا من خوف المصريين ويأسهم أو انقسامهم ، كنت خائفا من انفلات أمني كنا نشتم رائحته على مدار شهور وأسابيع سبقت ، كنت خائفا على بلادي ، ولكنني ما أن وقفت في وسط أبناء بلادي تبدد خوفنا جميعا ، بل أظن الخوف نفسه هو الذي بدأ ينتابه هذا الشعور !!.



المصريون انتفضوا واستجابوا لدعوتنا المليونية ، المليونية الحقة التي دعوت ودعا غيري لها من قبل ، مليونية ٢٨ من نوفمبر ، مليونية بلا شعارات ، مليونية لا تُحمل فيها اللافتات ، ولا يعتلى فيها المثقفون والمتحدثون المنصات ، ولا يختلف فيها وعن جدواها المصريون ، مليونية لم يحمل فيها أي شخص إلا بطاقته الشخصية في يده ، و وإرادته في رأسه ، وقفنا في طابور اخترق أكثر من ثلاثة شوارع نتحاور ، تأخرت أوراق الإقتراع فلم ينفد صبر أحد من الواقفين - رغم كبر سن معظمهم - ، ازدحمت الطوابير وصرنا في مشهد يشبه الحج يكاد يدوس بعضنا بعضا ، فلم ييأس أحد بل و قمنا كشباب بحمل بعضنا لتنظيم الطوابير ومساعدة قوات الجيش لتسهيل دخول وخروج الناس ، قال لي أحدهم : حتى لو عاوزين يزهقونا ، مش حنزهق تاني !! .

أعلن أحد كبار السن في أثناء انتظارنا أنه لا يخشى الإسلاميين ولا يمانع في استلامهم السلطة والحكم ، قال لنا : لم لا نجربهم ، دعك من هؤلاء الذين يحفظون الدين ولا يفهمونه و يخيفوننا منهم ، يطلب منهم نبيهم أن يغيروا المنكر بأيديهم فيغيروه بأيديهم ولكن بمنكر آخر ، هذا ليس صحيح الدين ، وليس صحيح أي دين آخر ، ولن يستطعوا أن يفرضوا علينا أي قانون ينظم لنا عبادتنا لربنا ، وإن فعلوا فببساطة لن ننفذه . بعد قليل بدأوا في النداء على اللجان التي وصل الورق الإنتخابي لها ، ارتبك ذات الرجل كبير السن بعد اكتشافه أنه لا يعرف رقم لجنته ، تسابقت وغيري لاستخدام هاتفنا المحمول لنستطلع له هذه البيانات ، نتفاجأ جميعا ونحن نأخد منه رقم بطاقته ، عندما نعرف أن اسمه "عاطف رائف دانيال " ، مسيحي الديانة ، نبتسم جمبعا ، ويبتسم هو الآخر ، و نقولها في نفس واحد : هؤلاء هم المصريين .

نعم هؤلاء هم المصريون الحقيقيون ، الذين إن فتشت في قلوبهم لن تجدي حبا ولا شرعية ولا ولاء لأحد ، لا للمجلس العسكري ولا لثوار التحرير ولا لأحزاب ولا قوى سياسية ، لن تجد في قلوبهم سوي بلادهم ، مصر ، مصر التي قبلوها وعاشوا على ترابها وهي مريضة منهكة القوى ، و ليس لديهم أي مانع أن يحتملوها أجيال وأجيال على ذات الحال ، ولكنهم أتوا اليوم فقط ليمنحو لها الحرية والصحة التي تستحق والتي هي في أشد الحاجة إليها .

الفرحة والفرحة فقط هي ما تملأ قلوب وعقول المصريين اليوم ، الفرحة والفرحة فقط هي البرهان على انتمائك لهؤلاء المصريين المحبين لوطنهم بلا أي مصلحة ، الفرحة والفرحة فقط ، ولا يجاورها أي شعور آخر ، لا انحياز لمجلس عسكري ، ولا تأييد لثوار في التحرير ، أما إن لم تكن كذلك ، فأنت كمشجع الكرة الذي يفضل مصلحة وحب ناديه على مصلحة وحب منتخب بلاده ، متناسيا أن كل ما يحدث بين هذه الأندية من منافسات ليس له ألا هدف واحد ، تكوين منتخب وطني قوي تعلو به راية بلادنا عاليا.

نعم لأجل هذه اللحظة تنافسنا جميعا ، و اختلفنا جميعا ، وتصارعنا جميعا ، أما وإنها قد بدأت في الحدوث ، فلنفرح بها ، ولنساندها جميعا لتكتمل بإذن الله ، ولنساند منتخبنا ، فالمنتخب هو الأهم ، ولنعلم أن اختلافنا هو نواة قوة هذا المنتخب ، أما خلافنا فهو بذرة ضعفه وإنهياره.


رحم الله شهدائنا ، من أجل هذه اللحظة سالت دمائهم ، ولأجلها لن نخذلهم أبدا.




ش.ز

0 التعليقات:

إرسال تعليق